السبت، 28 سبتمبر 2013

غاب منذ استقالته من رئاسة الحكومة:حمادي الجبالي: كابوس النهضة أم منقذها ؟

رغم أن حمادي الجبالي هو الامين العام للحزب الحاكم الاول في البلاد ،إلا أنه ظل شبه مُختف، بعيدا عن الأنظار، غير مُتدخل في مفاوضات الحوار الوطني التي دارت طيلة الشهرين الماضيين.
تونس ـ «الشروق»:
لم يعرف تاريخ الاحزاب السياسية الحاكمة في العالم ابتعاد الأمين العام عن الانظار كالذي يشهده حزب النهضة هذه الأيام ..
الرجل الثاني
ظاهريا يبدو الجبالي الرجل الثاني في الحزب بعد الزعيم الغنوشي، لكن على أرض الواقع لم يعثر له الملاحظون على أثر خاصة أثناء فترة مفاوضات الحوار الوطني التي تعيش على وقعها البلاد منذ اغتيال النائب محمد البراهمي. وبرزت، بدلا عنه وجوه قيادية اخرى في الحركة طوال فترة مفاوضات الحوار الوطني على غرار عبد اللطيف المكي وعامر العريض ورفيق عبد السلام. ثم جاءت الندوة الصحفية الاخيرة للحركة والتي أشرف عليها، في غياب الزعيم راشد الغنوشي، كل من العجمي الوريمي ورفيق عبد السلام وعبد الحميد الجلاصي، وسط تسريبات تقول إنه تم في آخر لحظة استبعاد حمادي الجبالي من الاشراف عليها. الجبالي صرح اكثر من مرة انه يعمل صلب النهضة ، ولكن بعيدا عن أضواء وسائل الإعلام، لكن لم يوضح إن كان غيابه عن مفاوضات الحوار الوطني بإرادة منه أم لا.
مغضوب عليه
الحديث عن ابتعاد حمادي الجبالي عن دائرة القرار وأحيانا عن الحضور في حركة النهضة يعود في الواقع إلى فترة ما بعد اغتيال شكري بلعيد عندما خرج الرجل عن مبدإ «الطاعة الحزبية» وأقرّ بفشل حكومته، حكومة النهضة، وقرر استقالته واستقالتها، ودعا إلى تكوين حكومة تكنوقراط. اقتراح لم يلق أي تفاعل من حزبه، وجُوبه بانتقادات كبرى إلى درجة أن حديثا كبيرا دار آنذاك حول اعتزام الجبالي تكوين حزب بمفرده... وحول تحوله إلى شخص مغضوب عليه داخل الحركة رغم اشرافه على امانتها العامة، وان النية قد تتجه نحو تغييره. تخمينات نفاها بقوة زعيم الحركة راشد الغنوشي مطلع جويلية الماضي عندما أكد أن الجبالي باق بالأمانة العامة للحركة وانه «احد رجالها الكبار».
تيار معتدل
منذ استقالته من الحكومة، لم يعد خافيا على أحد أن الجبالي أصبح يميل أكثر فأكثر نحو المواقف المعتدلة داخل حركة النهضة بل ويسعى إلى توسيع دائرة التيار المعتدل فيها إيمانا منه بـ«جدوى العمل السياسي المدني» مثلما ذكره في أحد حواراته الصحفية . وأكثر من ذلك فقد بات منذ استقالته من الحكومة ينتقد المواقف المتطرفة داخل الحركة (أهمها قانون العزل السياسي) وأصبح محسوبا على الشق المعتدل داخل الحركة (شق الحمائم) الذي يقابله من الجهة الاخرى شق متصلب (الصقور) . وذهبت مصادر مقربة من النهضة أن حمادي الجبالي بات «غير متحمس لحضور اجتماعات مجلس الشورى» حتى أنه أصبح يتغيب عن بعضها بسبب تمسكه ببعض المواقف المعتدلة.
مواقف
مقابل اقراره التمسك بشرعية انتخابات 23 اكتوبر 2011 ورفضه لكل اشكال الانقلاب عليها، لم يخف حمادي الجبالي خشيته من مزيد تدهور الاوضاع في بلادنا قائلا أنه لا بد من مبادرة او حل للخروج من الازمة. كما دعا الى استئناف الحوار والتوافق ، وتغليب مصلحة البلاد على الحسابات الحزبية الضيقة للخروج بتونس من هذا المأزق السياسي والابتعاد عن فرض خطوط حمراء سواء من الترويكا او من المعارضة . بل انه اقترح إنهاء أعمال الحكومة الحالية وتشكيل حكومة محايدة وتوافقية من كفاءات وطنية بعيدة عن التجاذبات السياسية مهمتها الرئيسية تنظيم الإنتخابات المقبلة. وبالنسبة للمجلس الوطني التأسيسي أكد الجبالي على ضرورة أن يواصل أشغاله وأن يسرع في اتمام الدستور والقانون الانتخابي والاستعانة بخبراء مع الابقاء على حكومة العريض إلى حين اتمام مهام التأسيسي. وكل هذه المواقف زادت في التأكيد لدى مختلف الاوساط السياسية ولدى المتابعين على ميل الرجل نحو المواقف المعتدلة.
من هو حمادي الجبالي؟
مولود بسوسة سنة 1949 و متزوج واب لثلاث بنات. مهندس في مجال الطاقة، درس بكلية الهندسة في جامعة تونس ثم بجامعة باريس.
انتمى إلى حركة الاتجاه الاسلامي منذ الثمانينيات و طالته حملة الاعتقالات في عهد بورقيبة وواصل النشاط صلب حركة النهضة.
تولى رئاسة تحرير جريدة الفجر وحوكم في عهد بن علي (سنة 1990) بالسجن 16 سنة نافذة قضى منها عشر سنوات في السجن الانفرادي. ثم اضرب عن الطعام سنة 2002 و أفرج عنه في فيفري 2006.
تولى بعد انتخابات 23 اكتوبر 2011 منصب رئيس الحكومة وقدم استقالته يوم 19 فيفري 2013 ثم واصل تصريف الاعمال إلى 14 مارس 2013 وتولى بعده علي العريض المهمة.
يشغل الآن منصب الأمين العام لحركة النهضة.
حمادي الجبالي قريب من مبادرة حزب الامان !!
صرح الجبالي منذ حوالي شهر إنه يرى أن أقرب مبادرة له لانهاء الازمة السياسية في تونس هي مبادرة حزب الامان. كما أفاد الجبالي إنه يعمل مع عدد من الشخصيات المعتدلة والوطنية على تطوير هذه المبادرة وكان لزهر بالي رئيس حزب الامان قد تحدث كثيرا، خلال لقاء اعلامي، عن حمادي الجبالي ووصفه بالقريب جدا من حزب الامان ومن مبادراته الداعية للوساطة و الاعتدال . وحول امكانية انضمام الجبالي إلى حزب الامان قال الازهر بالي انه مرحب به في اي وقت وانه توجد اتصالات مكثفة معه يوميا حول عديد المسائل و هو بمثابة جسر الحوار بين الامان و النهضة ككل .
أهم المحطات التي تغيب عنها الجبالي منذ استقالته 
من الحكومة
- الندوات الصحفية لحركة النهضة آخرها ندوة 23 سبتمبر الجاري.
- جلسات مفاوضات الحوار الوطني بين الترويكا و الرباعي الراعي للحوار.
- بعض اجتماعات مجلس الشورى بالحركة
- اللقاءات الشخصية التي عقدها زعيم الحركة راشد الغنوشي مع حسين العباسي ومع الباجي قائد السبسي ومع اطراف أجنبية (سفراء أجانب- الرئيس الجزائري بوتفليقة...). غير ان الجبالي ظهر إلى جانب الغنوشي مطلع الشهر الجاري لدى لقائه سفير ألمانيا.
في صعود
منذ استقالته من الحكومة واقراره بفشلها وتبنيه بعض المواقف المعتدلة، ارتفعت «بورصة حمادي الجبالي» في بعض الاوساط الشعبية والسياسية .وكان سبر آراء قامت به مؤسسة «سيغما كونساي» حول الانتخابات الرئاسية المقبلة ، في أوت الماضي ، قد أكد ان الأمين العام لحركة النهضة حمادي الجبالي أحرز المرتبة الثانية بعد رئيس حزب نداء تونس الباجي قائد السبسي.

ليست هناك تعليقات: