الاثنين، 23 سبتمبر 2013

الحجاب فى تونس


العودة القوية للحجاب أثارت مخاوف العلمانيين بتونس


رغم الحظر القانوني والتضييق الأمني الشديد على ارتداء الحجاب في تونس، فإن شوارع المدن التونسية شهدت في الأشهر القليلة الماضية عودة قوية ولافتة للنظر لارتداء الحجاب بشكل أوسع بين التونسيات بعد أن كان قد اختفى تقريبا خلال التسعينيات من القرن الماضي، وهو ما أثار مخاوف بعض التيارات العلمانية القريبة من السلطة والرافضة للحجاب. 

وذكر تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية الثلاثاء 9-3-2004 أن موضوع العودة القوية للحجاب في تونس أثار مناقشات حادة داخل الحركة النسائية التونسية (علمانية) والتي انقسمت الآراء بداخلها بين مؤيد له "باعتباره خيارا مشروعا باسم الحرية الشخصية"، وآخر رافض له "لما يرمز إليه من انغلاق ورجعية"، بحسب تقديره.
يشار إلى أن ارتداء الحجاب محظور في تونس بحكم القانون رقم 108 الذي صدر في عام 1981 في عهد الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة، الذي اعتبر الحجاب "زيا طائفيا" وليس فريضة دينية، ودعا لمنعه خاصة في الجامعات ومعاهد التعليم الثانوي. 

وقد عبرت "الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات" (علمانية، غير حكومية) عن "قلقها العميق" لتنامي ارتداء الحجاب في تونس مؤخرا بعد أن كان شبه مختفٍ طيلة العقدين الأخيرين. 

"انغلاق ورجعية"! 

وشددت الجمعية التونسية أثناء انعقاد المؤتمر السنوي لها الإثنين 8-3-2004 الذي يوافق اليوم العالمي للمرأة، على "رفضها القاطع للحجاب لما يرمز إليه من انغلاق ورجعية"، بحسب تصورها. 

واعتبرت دراسة قدمتها الجمعية خلال المؤتمر أن "الدين والعادات والتقاليد والتعليم" أهم مصادر قلق المرأة في تونس. 

وتلقى العودة القوية لارتداء الحجاب تفسيرات عدة بين أوساط المراقبين، فهي في نظر الغالبية عودة إلى الدين الإسلامي وهو ما ركزت عليه بعض الفضائيات العربية في الآونة الأخيرة، فيما ينظر البعض الآخر إليها على أنها "تحصن بالهوية الإسلامية في مواجهة الغرب المهيمن والمحتل" لكل من فلسطين والعراق. 

"لا معنى" للحرية مع الحجاب! 

ورأت بعض الأصوات العلمانية المؤيدة للحكومة، والمتشددة في المطالبة بمنع الحجاب، أن تأييد الحجاب باسم الحرية "لا معنى له". 

وقال النقابي صالح الزغيدي، القريب من الحركة النسائية بتونس، لوكالة الأنباء الفرنسية: إن تأييد "ارتداء الحجاب باسم الحرية لا معنى له خاصة أنه يخضع لتعاليم دينية". 

فيما أكدت السيدة التونسية فاطمة قسيلة أنه رغم رفضها الشخصي لارتداء الحجاب "رفضا قاطعا، لكن احترام الآخر هو سيد الموقف ويجب الخضوع له". 

وتتجدد بين حين وآخر في تونس حملات منع النساء من ارتداء الحجاب كما تتعرض الطالبات المحجبات بصفة خاصة إلى المضايقة. وتوجه في هذا السياق أصابع الاتهام إلى أطراف علمانية داخل السلطة تسعى لمحاربة مظاهر التدين بكل قوة داخل المجتمع التونسي. 

حظر "اللباس الطائفي" 

وتقول السلطات التونسية: إن الإجراءات ضد المحجبات تأتي تطبيقا للقانون الذي جاء به منشور 108 ويمنع ما تطلق عليه "اللباس الطائفي". 

وينص قانون الأحوال الشخصية التونسي الصادر في العام 1956 على المساواة التامة بين المرأة والرجل ويمنع تعدد الزوجات ويؤكد أن النساء مواطنات كاملات الحقوق. 

احتجاجات قوية في 2003 

وشهد العام الماضي 2003 احتجاجات تونسية قوية على موقف السلطات التونسية المتشدد من قضية الحجاب. 

وفي هذا السياق طالب عدد من المحامين والشخصيات السياسية التونسية رئيس الدولة زين العابدين بن علي بالتدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات المتواصلة ضد النساء التونسيات المرتديات للحجاب. 

إهانة المحجبات 

وجاء في عريضة وقعها أكثر من 100 محام وناشط حقوقي حصلت "إسلام أون لاين.نت" على نسخة منها يوم 11-11-2003 أن "النساء التونسيات المرتديات للحجاب يتم حرمانهن منذ بداية السنة من العمل ودخول المعاهد والجامعات، كما يعمد رجال الأمن دون موجب قانوني إلى تعنيفهن، ونزع الحجاب بالقوة مع الشتم والوصف بشتى النعوت، ولو أمام أزواجهن أو إخوانهن، وإجبارهن على إمضاء التزام بعدم ارتداء الحجاب مستقبلا". 

كما سعت أوائل العام الماضي 2003 محامية تونسية ناشطة في مجال حقوق الإنسان في سابقة هي الأولى من نوعها لإلغاء القانون الذي يمنع ارتداء الحجاب داخل المؤسسات التابعة للدولة. 

وقالت سعيدة العكرمي المحامية العضوة في المجلس الوطني للحريات بتونس -غير معترف به- في تصريحات لشبكة "إسلام أون لاين.نت" يوم 2-2-2003: إن رفعها لهذه القضية أمام المحكمة الإدارية لإلغاء القانون رقم 108، جاء انطلاقا من قناعتها الراسخة بأنه "يتعارض مع المنطلقات الأساسية للميثاق العالمي لحقوق الإنسان الذي يحض على حرية الاعتقاد، وممارسة الشعائر الدينية واختيار الإنسان الزي الذي يناسبه". 

وأدانت طالبات تونسيات يوم 2-6-2003 حملة شنتها الحكومة ضد الحجاب وأدت إلى حرمان بعضهن من خوض امتحان نهاية العام الدراسي 2002-2003، فيما اعتبرت منظمات حقوق إنسان تونسية هذا الإجراء بحق الطالبات المحجبات مخالفا للمعاهدات والمواثيق الدولية. 

وفي السياق نفسه أيضا انتقد "المجلس الوطني للحريات بتونس" في بيان له يوم 30-5-2003 منع العديد من المعاهد العليا والكليات الطالبات اللاتي يرتدين الحجاب من دخول المؤسسات التعليمية. 

وكان الصادق شعبان وزير التعليم العالي والبحث العلمي التونسي قد وجه منشورا إلزاميا حمل رقم 70 بتاريخ 27-12-2002 إلى كل عمداء ومديري المؤسسات التعليمية حول ما سماه "ارتداء الزي الطائفي". 

وجاء في هذا المنشور أنه "يمنع الدخول لهذه المؤسسات على كل من يرتدي أزياء ذات إيحاءات طائفية، أو يحمل أية إشارات أخرى من هذا القبيل".

ليست هناك تعليقات: