الجمعة، 27 سبتمبر 2013

الخبير العسكري محسن الكعبي يفجّر قنبلة: جهة مخابراتيّة رسميّة متورطة في أحداث الشعانبي

 الخبير العسكري محسن الكعبي يفجّر قنبلة: جهة مخابراتيّة رسميّة مدعومة داخليّا متورطة في أحداث الشعانبي:

*الإدارة الأمريكيّة لا عهد لها ولا ميثاق سوى مصالحها

*هذا ما تعوزه المؤسسة العسكريّة اليوم

خاص / تونيزيا فايس

على إثر الأحداث الأخيرة التي عصفت ومازالت تعصف بأمن بلادنا لاسيما منها أحداث الشعانبي الدامية والغامضة، كان لنا لقاء خاص مع المهندس الرقيب بالجيش التونسي سابقا وكاتب عام جمعيّة إنصاف قدماء العسكريين، والخبير بالشؤون العسكرية محسن الكعبي فكان معه الحوار التالي الذي كشف لنا فيه العديد من الأسرار والتصريحات الخطيرة حول الوضع الأمني والعسكري بالبلاد..

1)     ماذا تقول باعتبارك خبير في الشأن العسكري في حادثة الشعانبي الأخيرة أو ما يُعبّر عنه “بمجزرة الكومندوس”؟

الكل يتكلم عن كمين تعرضت له دورية عسكرية في حجم حضرةيوم الإثنين 29 جويلية 2013 الموافق ل20 رمضان 1434 و كانت حصيلته دامية إذ استشهد 8 من حماة الوطن و عدد من الجرحى..

بداية الكمين هو تكتيك عسكري قديم يجمع بين العديد من المبادئ الأساسية للحرب, و خاصّة الصّدمة و المفاجئة..
ويعتبر الغطاء الطّبيعي الجغرافي أفضل غطاء للكمائن ..كتضاريس و منعرجات جبل الشعانبي مثلا.. وللكمين تكتيك قتالي تعرفه القوات النظامية ، بل وتستخدمه القوات الخاصة بكثرة في الجيوش النظامية وذلك بغرض الحصول على أسير أو وثائق..
ولا يختلف الكمين سواء لدى رجال العصابات أو لدى القوات النظامية في أسسه الفنية، إلا أن الكمين عند رجال العصابات ينفرد بميزات معينة أهمها، الاعتماد على الدعم المحلي للسكان في الإخفاء والتمويه والانسحاب وتكديس الأسلحة والمعدات المطلوبة، وكذا تعويض الإمكانيات المادية المطلوبة بالروح المعنوية العالية والذكاء المحلي.
ويقصد بالكمين، الاختفاء في موقع جيد ينتظر تقدم العدو تحت سيطرته، حيث تقتحمه قوات الكمين بغرض إبادته أو الحصول منه على أسرى أو وثائق أو أسلحة أو معدات، فضلا عن إزعاجه وإثارته وإرهابه بالطبع.
ولنجاح الكمين بهذا المعنى، تعمد قوات العصابات إلى تقسيم الكمين إلى ثلاث مجموعات، هي مجموعة الملاحظة، ومجموعة الاقتحام، و مجموعة الوقاية وحماية الانسحاب.
أما عمليّاتيا يستخدم هذا التكتيك في إطار ضيّق و على نطاق جغرافي صغير، و يتطلّب عملا استخباراتيّا دقيقا و تحضيرا مطوّلا لنجاحه و يكون إطاره المكاني معروفا بشكل دقيق و ألزماني مبرمجا و يعتمد عادة لقطع الطّرق في حالة عدم توازن موازين القوى أو في عمليات إرهابية الغرض منها خدمة أجندات سياسية بغرض الابتزاز أو التخريب ..
وعادة ما يتم إدخال أمر عرضي غير متوقع في مجالالانسحابالمتنبأ به كالألغامأو القنص ..

رغم قدم هذا التكتيك و بساطته إلا انّه ناجع بنسبة عالية جدّا و لم يسبق لجيش نظامي في التّاريخ أن صدّ كمينا منذ كمائن عمر المختار ضدْ الجيش الايطالي و حتّى ضدّ موسولينى..

هذا الكمين هو عملية إرهابية بكل المقاييس ..يضرب جيشنا الباسل مرة أخرى ..يضرب في عمق الشعانبي..في عمق الجبل المحاصر و الممشّط منذ أشهر ، في عمق المنطقة العسكرية المغلقة على الحدود التونسية الجزائرية ..صدمة كبيرة تلقاها الرأي العام و تلقتها بالخصوص المؤسسة العسكرية..لقد تناولنا إفطارنا على الألم و الدموع و الدماء..و نمنا على الوجع و الأسى و على مشاهد مروعة للجريمة البشعة المنظمة..

لقد مثل هذا الكمين تحديا صارخا للقوات المسلحة التونسية و هنا أقصد الجيش و قوات الأمن الداخلي من حرس و شرطة وديوانة..و تطورا في عمليات هذه العصابات و تصعيدا جديدا لتثبت أنها خلايا تنام و تستيقظ و أنها في قلب الشعانبي بعد أشهر من ” احتلاله عسكريا” و تتحدى الآلة العسكرية التونسية عقيدة و تسليحا..

2) ماهو السيناريو الصحيح الذي تمّ أثناء الحادثة بالضبط حسب ما توفر لكم من معطيات؟

حسب المعلومات المتواترة   فإن الحظيرة التي وقعت في الكمين كانت قد حلت بجبل الشعانبي قادمة من فيلق الوحدات الخاصة ببنزرت في إطار مهمة تتمثل في تعويض زملائهم القائمين على حراسة محطة الإرسال الإذاعي و التلفزي ..و كانت هذه الحظيرة على متن سيارة عسكرية عندما فاجأتهم العصابة على مقربة من أحد المنعرجات و أطلقوا نحوهم وابلا من الرصاص الكثيف من أسلحة نارية رشاشة ، مما أدى الى استشهاد  كل عناصر الحظيرة..

الإرهابيون لم يكتفوا بذلك بل ترجلوا نحوهم و جردوهم من أسلحتهم و أزيائهم و معدات الاتصال و المراقبة عن بعد..ثم قاموا بذبح خمسة منهم في إطار التنكيل بجثثهم ثم لاذوا بالفرار..و عندما حاولت دورية نجدتهم في إطار التعزيز ألقوا نحوها عبوة ناسفة مما أدى الى انفجار خلف عددا من الجرحى بينهم ضابط برتبة مقدم..

3)تعتقدون إذا أنّ ما وقع في الشعانبي هو سيناريو إرهابي جديد بالمنطقة؟

تباينت آراء الفقهاء و الكتاب و المنظرين السياسيين حول إيجاد مفهوم واضح للإرهاب، حيث أن كل مجتمع له نظرة تختلف في تحديد ماهية الإرهاب، و وصف الإرهابيين ، و الأمر يعود الى حكم نسبي في النظر لتلك الأعمال العنيفة التي تكوّن الفعل الإرهابي ، و الأشخاص الذين يقترفونها ، و مطالبهم ، و طرق حلها و علاجها ، فالإرهابي في نظر البعض : ” هو مناضل من أجل الحرية ” بينما هو في نظر آخرين ” مجرم” ، و كذلك ينظر للقائمين بأعمال العنف و القتل المحتلين و الغزاة بأنهم مناضلون ، وهم في نظر الآخرين إرهابيون.

و مع ذلك كله اتفقت آرائهم على أن الإرهاب هو شكل أو أسلوب من أساليب الصراع السياسي و الإيديولوجي، الذي تنتهجه بعض القوى السياسية العنيفة لاستخدامه من أجل تحقيق أهدافها التي تعجز عن تحقيقها بالأسلوب الديمقراطي عبر صندوق الاقتراع.

 و ينظر علماء الاجتماع إلى الإرهاب بوصفه استخدام العنف أو التهديد باستخدامه، بواسطة الأشخاص أو الجماعة أو الدولة، ضد المجتمع المحلي أو الدولي، لتحقيق أهداف يرمي إليها الإرهابيون، ضد إرادة المجتمع و ضد رغبته.كما يصف هؤلاء الفعل الإرهابي، بأنه فعل رمزي، يسعى إلى إحداث آثار كبيرة حسية أو سيكولوجية..

و العمل الإرهابي هو فعل إجرامي ، تحركه دوافع دنيئة ، يرتكبه فرد أو جماعة  بشكل منظم و منسق أو بشكل عشوائي ،مع استخدام أدوات ذات خطر عام، و يتبع فيه أسلوب يعتمد على نشر الرعب في نفوس الأفراد و الجماعات و الدول ، بغية تحقيق هدف معين ( سياسي أو اجتماعي ، أو اقتصادي أو اعتقادي ).

ومن صور الأعمال الإرهابية الاغتيال و التعذيب و اختطاف الرهائن و و تفجير القنابل و العبوات الناسفة، و تدمير المنشآت و الممتلكات،و الرسائل الملغومة و احتجاز وسائل النقل بأنواعها..و كل عنف يؤدي إلى قتل الأبرياء ، أو تعريض حياتهم للخطر ، أو انتهاك حرياتهم الأساسية.

و مما هو جدير بالملاحظة أن هناك فرقا واضحا بين الأنشطة الإرهابية التي تقوم بها التنظيمات و المجموعات غير الحكومية ، ضد الدولة ، و الأنشطة الإرهابية التي تقوم بها الدولة ضد رعاياها، و تنفذها أجهزتها المدنية و العسكرية ، و لنا في قضية براكة الساحل 91  المثل الأنموذج الذي تم فيه الاعتداء على أكثر من 243 إطار عسكري بالتعذيب و التشنيع و القتل ، و المحاكمات العسكرية العشوائية و مجالس التأديب الصورية..وهي لعمري من ممارسات إرهاب الدولة الذي كان الرئيس المخلوع و أزلامه يمارسه على الشعب إبان فترة حكمه البوليسي ..

و تبعا لذلك ، يرى بعضهم أنه يمكن التسامح تجاه بعض الأنشطة الإرهابية التي تقوم بها القوى و التنظيمات غير الحكومية ، بينما على العكس من ذلك تلك الأنشطة التي تقوم بها الدولة ، نظرا لأن الدولة ملزمة بأن تلتزم بمبادئ القانون الدولي ، كما يتاح لها أساليب أخرى غير أعمال العنف و الإرهاب لتحقيق أهدافها.

و قد سبق للكاتب الأمريكي اليهودي ” نعوم تشومسكي ” أحد أبرز الباحثين في الألسنية و مؤلف كتاب ” حضارة الإرهاب ” أن بيّن أن الإسرائيليين هم الذين دشنوا الإرهاب  في العالم عموما وفي الشرق الأوسط خصوصا، و حرصوا على إبقاء جذوته مشتعلة باستمرار و خاصة في العالم العربي و الإسلامي..

و يسجل التاريخ أن أول حادث إرهابي تم  باختطاف طائرة في الجو ، كما يوضح تشومسكي : ” لم يكن اختراعا تعود ملكيته إلى الفلسطينيين أو الإرهاب الدولي ، و إنما اختراع إسرائيلي ، ففي شهر ديسمبر من عام 1954 قامت المقاتلات الإسرائيلية بالتعرض لطائرة مدنية سورية ، و أرغمتها على الهبوط في مطار اللد” . ذلك أن موشي ديان صرح آنذاك أن حادث الاختطاف الجوي المذكور كان هدفه ” الحصول على رهائن يمكن استخدامهم في المقايضة من أجل إطلاق سراح سجنائنا في دمشق ” .و يذكر تشومسكي أيضا أن اغتيال الوسيط ألأممي ” برنادوت ” في عام 1948 كان عملا إرهابيا أنجزته عصابة إرهابية يتزعمها إسحاق شامير..و يذكر أيضا بالمذابح الإسرائيلية المبرمجة ضد الفلسطينيين في بيوتهم و في مخيماتهم، و باستخدام قنابل النابالم ، و بقيام السفن الإسرائيلية بعمليات الاختطاف و القرصنة..

و يخلص من ذلك كله،إلىأن هذه الحقائق لم تصبح جزءا فاعلا في الذاكرة التاريخية للإعلام المسيطر، نظرا لأن الإرهاب ” حسب شروط الخطاب الإعلام الأمريكي العنصري يقتصر على الإشارة إلى عمليات الإرهاب التي يقوم بها العرب فقط و ليس اليهود”.

و يمكن اعتبار حادثة الشعانبي الأخيرة من بين الأساليب المتوحشة و القذرة التي يمكن أن تندرج في إطار عمل إرهابي الغرض منها محاولة الإجهاض على الحكومة المنتخبة المؤقتة لقتل تجربة الحكم الوليدة في مهدها ، و الانقضاض على السلطة من طرف القوى المضادة للثورة محليا و إقليميا والتي لا تؤمن بالانتقال الديمقراطي للسلطة لعدم ثقتها بنفسها في الفوز بالانتخابات المقبلة المقترحة في 17 ديسمبر المقبل.

4) من بالضبط حسب رأيكم الجهة التي تقف وراء الجريمة النكراء وهذا العمل الإرهابي؟

الطرف الذي يصل الى قتل 8 من جنودنا البواسل ومن قواتنا الخاصة العالية التدريب دفعة واحدة ، لا يمكن إلا أن يكون جهة رسمية مخابراتية تنشط على أرضنا و بين ظهرانينا ..هذه الجهة محترفة في نصب الكمائن و الانسحاب و تحض بدعم لوجستي داخلي من أطراف معلومة متآمرة على ثورتنا و على تحقيق أهدافها..

و مشكلة العنف أو الإرهاب الأساسية هي أنه من الصعب معالجتها في المدى المنظور ، فمتى تم زرع بذور العنف فلن يمكن احتوائه لأنه ينمو و يتكاثر ، كما أن هناك اختراقا من بعض المجموعات العنيفة لإجهاض الثورة و تحقيق مصالح خارجية تعادي تونس و الثورة..

هناك مجموعات صغيرة تنشط للأسف على الساحة السياسية متحالفة مع ثلاثي القوى المضادة للثورة الإعلام و الإتحاد و الإدارة ، هدفها الوحيد هو إفشال مسار الانتقال الديمقراطي و تجربة الحكم الناشئة و إدخال البلاد في دوامة من العنف  لأنها لا أمل لها في نتائج الانتخابات و بالتالي فهي تراهن على الانقلابات و السعي إلى الحكم عبر نظرية العنف الثوري الذي ولى و اندثر منذ انهيار الإتحاد السوفيتي..

لقد كان هناك شيئا ما يطبخ إلا أن الله نجانا من فتنة كبرى كانت ستأتي على الأخضر و اليابس ..فكرة محاولة استمالة الجيش للانقلاب فشلت و الحمد لله .. هذه المحاولة جاءت متزامنة مع الانقلاب الذي جد في مصر و داس فيه العسكر على شرعية الشعب ، و اليوم تدفع تونس ثمن موقفها من مصر  الرافض للانقلاب و الانقلابيين و  يعاقب جيشنا على وطنيته و حياديته و بقائه على مسافة واحدة من التجاذب السياسي و اصطفافه مع الشعب و الوقوفإلى جانبه إبان ثورة 17 ديسمبر.. حيث ساهم في إسقاط النظام و حافظ على مؤسسات الدولة ، و أشرف على الانتخابات و رضي بنتائجها..و ما زال الى اليوم صامدا أمام تحديات حالة الطوارئ و الاختراقات من أجل المرور بتونس الى شاطئ الأمان عبر الانتقال الديمقراطي السلس ، تحقيقا لأهداف الثورة ، و تأكيدا لمدنية الدولة و مؤسساتها الدستورية..

و يجب هنا ترك المؤسسة العسكرية على جانب، لتعمل من أجل حماية الوطن من أي عدوان خارجي، و على الأحزاب البعد كل البعد عن تسييسها ، لا بالتحالف معها و لا بالإستقواء بهاضد بعضها البعض ،و لا بدعوتهاإلىالانقلاب على مؤسساته المنتخبة و الشرعية.

5) ماهي برأيك أهم الخطوات الوقائيّة التي ينبغي على الجيش اتخاذها في ظلّ هذه الظروف الراهنة؟

و برأيي فإن الجنرال الحامدي الذي يحظى بثقة القيادة السياسية المنتخبة و بثقة زملائه في القيادة العسكرية الحالية تنتظره العديد من التحديات و الملفات الحارقة داخليا و خارجيا.

على الصعيد الداخلي فانه من الأولوية بمكان إعادة ترتيب البيت من الداخل و العمل و بسرعة على استرجاع هيبة المؤسسة العسكرية ضمن فسيفساء القوات المسلحة بتقوية أداء جنودها تسليحا و عقيدة، و تطوير قدراتها العملياتية و الإستخباراتية و عدم الاحتماء مستقبلا تحت مظلة القوى الكبرى أو التحالف معها ، و ذلك بإعادة النظر في عقيدة الجيش القتالية التي بنيت منذ الاستقلال على تصور مغلوط للعدو الخارجي المفترض إذ تحولت حدودنا البرية مع أشقائنا في الجزائر و ليبيا إلى مصادر محتملة للاستعداء.. و لم تعتقد يوما أن الدول الأوروبية أو الحلف الأطلسي أو الولايات المتحدة الأمريكية هي دول عداء..إذ كانت القيادات السياسية المتعاقبة قيادات فرنكوفونية علمانية بدون مرجعية قومية عربية أو إسلامية تحدد على أساسها عدوها التاريخي الافتراضي ، و تدفعها إلى بناء جيش قوي لحماية كيان دولتنا الصغيرة ذات الموقع الإستراتيجي الهام  داخل المشهد الجيوسياسي و الجيوالإستراتيجي المتقلب ..و اعتبار التنمية و التقدم و تطور التعليم غير مفصولا عن تطور الجهاز العسكري..

لقد كان أقصى ما يقوم به جيشنا في السابق هو حماية الحدود مع الجزائر و مع ليبيا ، و اختزال دوره في مهمات لحفظ النظام عندما تتهاوى الأجهزة الأمنية و تفقد فاعليتها، و في تنمية الصحراء ، و التدخل أثناء الكوارث الطبيعية ، و المشاركة في بعثات حفظ السلام الأممية..

أما على الصعيد الخارجي ، فكلنا يتذكر تلك الزيارة التاريخية الأولى بعد الثورة ، لوزير الدفاع الأمريكي  “ليون بانيتا” لتونس ،  و التي تضمنت هدايا مؤجلة في شكل شحنات أسلحة متطورة من أجل إعادة بناء و تسليح الجيش التونسي ..هاته الزيارة طرحت و لا زالت تطرح العديد من التساؤلات حول خفايا و غايات هذا الاهتمام المتعاظم لتونس سياسيا و عسكريا ،  و خلفيات التركيز على المؤسسة العسكرية تحديدا ، و الدور أو الأدوار التي يراد لتونس و جيشها أن يلعبها في ظل التحولات التسونامية التي يشهدها المشهد الجيوسياسي و الجيواستراتيجي العربي و العالمي، ثم وهو الأهم ، تداعيات كل ذلك على استقلالية و سيادية القرار التونسي أولا و على الأمن القومي العربي و الإفريقي عموما..

 لقد ذكر الناطق  الرسمي باسم وزارة الدفاع الأمريكية أن “بانيتا” كان يهدف من خلال هذه الزيارة رسم خارطة طريق للعلاقات العسكرية المقبلة بين تونس و واشنطن بإعادة ترتيب الأدوار في ظل المتغيرات الإقليمية و العالمية لتتناغم و الإستراتيجيات العسكرية و الأمنية و الاقتصادية للولايات المتحدة الأمريكية ..

هذا إذا المعلن من هذه الزيارة أما ما يخفيه “بانيتا ” و من ورائه الإدارة الأمريكية فهو العمل على إعادة الاعتبار للمؤسسة العسكرية التونسية و توجيهها من خلال الدعم المادي و برامج التدريب و طبيعة المهمات و مسارح العمليات ، و العمل على محاولة تشكيل عقيدة عسكرية جديدة للجيش التونسي بما يضمن توظيفها لتأمين المصالح الحيوية و الإستراتيجية الأمريكية ، و ربط تونس و المغرب العربي بالمنظومة العسكرية و الأمنية و الإستخباراتية الأطلسية و تحديدا ما تشرف عليه أفريكوم ( القيادة الإفريقية ) حاليا، مع تأطير الجيوش المحلية و الإقليمية لكي تخوض بالوكالة حروب الولايات المتحدة المستعرة و الكامنة ضد تنظيم القاعدة في بلا د المغرب و في مالي .. بما ينسجم و مقاربة المنظومة الأطلسية..

هذا إذا ما تخفيه زيارة ” بانيتا ” إلى تونس و على القيادة السياسية و العسكرية في تونس ما بعد الثورة البحث عن أيسر السبل للمناورة الجيدة و المقاربة الأخف ضررا للمحافظة على مصالح تونس الإقليمية في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها بلادنا ، علما و أن النموذج الوليد في الحكم بعد الثورة ( الترويكا ) لا يحتمل أعباء تحالف استراتيجي مكلف في ظل ما تعيشه منطقة المغرب العربي من انفلات أمني و فوضى سلاح و أقطار فاشلة .. مع الانتباه لمضاعفات أي دور محوري على علاقات تونس بدول الجوار، خصوصا الجزائر التي يتربص بها…

إن النفاذ نحو المؤسسة العسكرية لا يشكل حظرا على عقيدة أبنائها فحسب ، بل و يصادر على استقلالية و سيادية القرار الوطني.صحيح أن الوضع الذي تمر به تونس دقيق وعلى غاية من الحساسية ، مما يقتضي الحكمة و عدم استعداء من لهم مصلحة في إجهاض الحراك الثوري جنينا ، و لكن ذلك لا يبرر مطلقا أن نمارس نفس نهج نظم مرتهنة و غير شرعية تدين لهم ببقائها و مستعدة للمقايضات لمجرد الاستمرار بالحكم !

الإدارة الأمريكية لا عهد لها و لا ميثاق سوى مصالحها، و كل الذي يحركها أطماعها الإمبريالية..متخفية وراء شعارات دعم ” الانتقال الديمقراطي ” و أكمة حروب ” مكافحة الإرهاب ” و فزاعة السلفية الجهادية ..من أجل تحقيق استراتيجيات إمبراطوريتها الكبرى عبر العالم و سعيها المحموم للسيطرة على الموارد الطبيعية و إحكام قبضتها على المنافذ المائية و المناطق ذات الأهمية الجيوستراتيجية الحيوية ..فهي لا تقدم إكراميات و لا هدايا حبا في تونس..بل تقدم مساعدات في تناغم تام مع إستراتيجية بلادها السياسية و العسكرية .. فماذا عن إستراتيجية بلادنا نحن يا ترى ؟

7) كيف يمكن أن تكون العلاقة بين المؤسستين الأمنية والعسكرية؟

لقد كانت المؤسسة الأمنية بكل تشكيلاتها (حرس ، شرطة ، قوات خاصة ) وهي جزء من القوات المسلحة منفصلة تماما عن الجيش طيلة عقود من حكم الرئيس المخلوع، متعالية عنه رغم أن قطاعا من إطاراتها الكبرى و من ضباطها تخرجوا من الأكاديمية العسكرية و من كلية القيادة و الأركان و من المعهد الأعلى للدفاع، و كان لوزارة الداخلية اليد الطولى على الجيش خاصة منها جهاز أمن الدولة أثناء الاعتقالات العشوائية للمئات من العسكريين الأبرياء في قضية وهمية نسج خيوطها النظام السابق بالتواطؤ مع القيادة العسكرية العليا آنذاك لتحجيم الجيش و إفراغه من نخبه ذات الكفاءة و الانضباط و الالتزام ..في ما بات يعرف بقضية براكة الساحل سنة 91  ..

لذلك وجب التنسيق مستقبلا بين القيادات العسكرية و الأمنية وفق نصوص قانونية و ترتيبية صالحة لزمن الحرب و زمن السلم و خلال حالات الطوارئ،وفي مقاومة الإرهاب، بعيدا كل البعد عن التنافس بين المؤسستين الذي كان يشجع عليه النظام السابق إلى درجة حصول كراهية بين السلكين..

8) كيف ترى المعارضة التونسيّة في علاقتها بالمؤسسة العسكرية في ظل هذه المحاولة الانقلابية المفضوحة في تونس؟

للأسف فقد تحولت الديمقراطية في بلدنا من حل إلى مشكلة ، حين فشلت المعارضة في تقديم بدائل حقيقية وفي النزول إلى الشارع وفي جعل علاقتها مع التأسيسي والرئاسة والحكومة، فإما هم أو نحن. الهجوم المبكر على شرعية  الرئاسات الثلاثة المنتخبة أول الأخطاء في ظل حالة السيولة السياسية القائمة، إذ كان يجب حصر الخلاف مع الرئاسات حول سياساتهم، وكان ينبغي تقديم بدائل محددة بدلا من النضال لتسجيل المواقف عبر وسائل الإعلام و خاصة الفضائيات، و حشد الشارع و تجييشه.

ثم كان الخطأ الثاني وهو الاحتماء بالجيش وتصور أنه الحل حتى صارت هناك قوى سياسية وشخصيات عامة تطالب الجيش بالتدخل و القضاء على تجربة الحكم الوليدة بين الإسلاميين و العلمانيين!

  ثم كان الخطأ الثالث وهو محاولة الإستقواء بمنظومة الأمن الداخلي و تصور أنه الحل ، واليوم قد تقترب المعارضة من خطأ آخر، فبدلا من الضغط من أجل انتخابات ديمقراطية حقيقية، قد تهدد بمقاطعة الانتخابات المقبلة و المحددة ليوم 17 ديسمبر المقبل حسب اقتراح رئيس الحكومة مؤخرا، حتى تنتهي الأمور إلى انفراد فصيل واحد فعلا بالحكم ،و المقاطعة سلاح فعّال إذا تمت بالتنسيق بين أحزاب قوية ولها رصيد جماهيري قوي، فهل المعارضة قادرة على هذا؟

ومن الأخطاء القاتلة للطرفين أيضا اللجوء إلى الشارع و الساحات العمومية وحشد الأنصار لاستعراض القوة أو فرض وجهة نظر معينة. هذه طريقة شعبوية في إدارة الأمور قد تؤدي في النهاية إلى ظهور مجموعات عنف غير تقليدي أو ترك العنان للأفكار الشاذة والمتطرفة للظهور، مع استمرار الحروب الإلكترونية وكتائب تشويه الخصم ونشر الشائعات من أطراف عدة.

                                                                   محسن الكعبي 

أول مكالمة هاتفية الرئيس محمد مرسي منذ عزله

قال الرئيس المعزول مرسي أنه “ثابت إلى آخر نفس”، وذلك في مكالمة هاتفية أجراها مع أسرته، مؤخرا، بحسب مصدر مقرب من الأسرة.

وفي تصريح خاص لوكالة الاناضول، أضاف المصدر الذي رفض الكشف عن هويته، أن مرسي قال لأحد أفراد أسرته خلال الاتصال الذي تم من “رقم خاص”، لفترة ليست بالقصيرة: “أنا ثابت إلى آخر نفس، وأتابع كافة التفاصيل التي تجري على أرض مصر”.


وأشار المصدر إلى أن الروح المعنوية لمرسي “بدت عالية جدا”، وتحدث مع
 الأسرة خلال الاتصال في تفاصيل تظهر متابعته للأحداث.
ولم يحدد المصدر بالضبط تاريخ إجراء المكالمة، غير أنه أوضح انها جرت قبل نحو خمسة أيام وسبقها بنحو ثلاثة أيام مكالمة هاتفية أولى قصيرة.
وفيما يخص التحقيقات معه، أوضح مرسي خلال المكالمة الهاتفية الثانية أنه بعد وصول المحققين إليه، أخبرهم انه “الرئيس الشرعي للبلاد”، وسألهم عن تعامل السلطة الحاكمة معهم، حيث أنهم جاءوا إليه “معصوبي العينين” حتى لا يتعرفوا على مكان احتجازه، بحسب المصدر ذاته.
ولم يوضح مرسي في الاتصال مكان تواجده حيث بدا أنه يجهله، أو ما إن كان الاتصال يتم بمعرفة السلطات المصرية أم لا.
وأشار المصدر إلى وجود اتصال سابق بيومين أو ثلاثة على الاتصال الأخير بين مرسي وأسرته، وكان قصيرا للغاية، اطمئن فيه سريعا على أسرته، وطمأنهم على صحته.

جمعية “السلم والنماء” توجه نداءا للتونسيين للعزوف عن سنّة النّحر

مع اقتراب عيد الأضحى، جمعية السلم والنماء توجه نداءا للتونسيين للعزوف عن سنّة النّحر في هذا العيد للمساعدة على تجديد ثروتنا الحيوانية وتنظّم ندوة إعلامية ومائدة مستديرة حول كيفية الحفاظ على قطيع الماشية وسبل نمائه وتجديده في ضوء التحديات الاقتصادية الإقليمية

شهدت السّنوات الأخيرة نقصا ملحوظا في قطيع الماشية بكامل البلاد التونسية وارتفع سعر الخروف بصفة خيالية مما جعل الحكومة تلتجأ إلى التّوريد مع اقتراب عيد الأضحى للضّغط على الأسعار وتمكين المواطن من تأدية سنة نحر الأضاحي.

وإن كان التّوريد يعتبر حلاّ وقتيا إلا أنه لا يمكن أن يقضي على ظاهرة ارتفاع أسعار الخرفان أو يضمن توفّرها في السّنوات المقبلة، بل في المقابل قد يضرّ بالاقتصاد التّونسي ويستنزف احتياطنا من العملة الصعبة.

وبهذه المناسبة وفي هذه الظروف الصّعبة التي تعيشها بلادنا، تطلق جمعية السلم والنماء نداءا للمواطنين للعزوف عن نحر الأضاحي هذه السًّنة أو ترشيد هذه السُّنة الحميدة، بحيث يذبح خروف واحد لكلّ عائلة كبيرة، فالجدّ مثلا يذبح عن كل أبنائه المتزوجين، وبالتّالي لا تنقطع السّنة والفرحة ويشهد الأحفاد العادة الكريمة ويفرح الجميع بالعيد دون استنزاف للقطيع الوطني الذي يشكو ضعفا ونقصا كبيرين.

وندعو بالمناسبة كافة الهياكل المعنية من وزارات ومنظّمات حكومية وغير حكومية ومؤسسات المجتمع المدني وكل المواطنين إلى ندوة إعلامية ومائد مستديرة يوم الأربعاء 2 أكتوبر 2013 على السّاعة العاشرة صباحا بنزل قولدن توليب المشتل، للتّفكير معا في كيفية الحفاظ على الثّروة الحيوانية وسبل تنميتها، وذلك بتشخيص أسباب هذا النّقص والبحث عن السّبل والإجراءات العمليّة التي يمكن تطبيقها لتحسين الإنتاج وتنمية وتجديد قطيع الماشية.

من الأمم المتحدة :الرئيس التونسي يطالب بإطلاق سراح الرئيس محمد مرسي

أثناء إلقاء كلمته في  الجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقد في نيويورك  طالب الرئيس التونسي الدكتور “محمد منصف المرزوقي ” بالإفراج الفوري على الرئيس الشرعي لجمهورية مصر العربية الدكتور “محمد مرسي ” و كل المساجين السياسيين وطالب السلطات المصرية  :”برفع كل التضييقات على حركة الأفراد و البضائع التي تخنق قطاع غزة ,يكفي ما يعانيه شعبنا في الفلسطيني  من الإستيطان الإسرائيلي “.

وزير الصحة : قريبا التخفيض في سعر الانسولين ومعارض معروف مورط في ملف فساد مع المخلوع

_عقد وزير الصحة عبد اللطيف المكي صباح اليوم الخميس بمقر الوزارة ندوة صحفية بخصوص التخفيض في سعر الأنسولين والتهاب الكبد الفيروسي “صنف ج” وإحالة ملف فساد بوزارة الصحة على القضاء.

وأعلن الوزير أنه سيتم التخفيض في سعر الأنسولين بالصيدليات بداية من سنة ،2014 مشيرا إلى انه سيتم إدخال أنواع جديدة من الأنسولين في تونس، واكد من ناحية أخرى أنه تم اكتشاف 4 حالات عدوى بمرض الالتهاب الكبد الفيروسي من “صنف ج” من بين أعوان الصحة في معهد صالح عزيز للأمراض السرطانية بالعاصمة.
وأوضح أنّ التهاب الفيروس الكبدي من “صنف ج” لا ينقل سوى عن طريق الدم وليس عن طريق المصافحة أو التنفس مشيرا إلى أنّ هذا المرض يندرج ضمن منظومة الأمراض المهنية.
وأفاد في سياق متصل بمقاومة الفساد بوزارة الصحة بأنّ خلية الحوكمة ومقاومة الفساد بالوزارة أحالت مؤخرا على الجهات القضائية ملف صفقة متعلقة بإرساء نظام معلومات فيه شبهة فساد، وقال إنّ هذا الملف تورطت فيه رئاسة الجمهورية وعدة مسؤولين في فترة ما قبل الثروة، مشيرا إلى أنّ أحد المستفيدين من هذه الصفقة شخصية سياسية معروفة كانت تنتمي إلى حزب التجمع المنحل وهي تنشط الآن في إطار حزب سياسي معارض.
وبخصوص تجهيز المؤسّسات الاستشفائية بالمعدات والتجهيزات والإطارات الطبية، أكد الوزير أنه تم منذ 2012 إلى حد الآن توزيع 257 سيارة إسعاف وسيتم إلى غاية موفى سنة 2013 توزيع 238 سيارة إسعاف أخرى ليصل العدد الجملي للسيارات الموزعة خلال سنتين 495 سيارة .
وأضاف المكي أنّ الوزارة انتدبت خلال هذه السنة 300 طبيب اختصاص بين جامعي وصحي من بينهم 217 أستاذا مساعدا في الطب

السودان : 29 شخصا قتلوا في احتجاجات مناهضة للحكومة

نشرت وكالة السودان للأنباء يوم الخميس إن 29 شخصا قتلوا في احتجاجات مناهضة للحكومة بالسودان، وهذا هو أول إحصاء رسمي للقتلى منذ تفجر العنف يوم الاثنين.

وقالت الشرطة السودانية في بيان نشرته الوكالة إن عدد القتلى يشمل المدنيين ورجال الشرطة.

كما أكد  نشطاء إن عدد القتلى أعلى من هذا بكثير. ولم يكن ممكنا التحقق من مزاعم أي من الجانبين.

“الفلاقة” في أول ظهور تلفزي

بعد الضجة التي أثارتها مجموعة “الفلاقة” في الساحة الإعلامية و السياسية في تونس قامت قناة “المتوسط” بنشر وثائقي قامت بتصويره مع عناصر من “الفلاقة” و يعتبر هذا الظهور التلفزي الثاني للفلاقة   بعد  ظهورهم الأول في الجزيرة في بحر هذه السنة بعد الهجمة الكبرى التي أطاحت بالعديد من المواقع الصهيونية :


هل الاتحاد الوطني الحُر حزب فوق القانون؟

  هل الاتحاد الوطني الحُر حزب فوق القانون؟ سهيل العلويني أمين عام حزب سليم الرياحي، ورئيس جمعيّة مهنيّة؟؟

تجاوزات بالجملة تقع يوميا في عديد الأحزاب ضاربين بذلك عرض الحائط بالمنظومة القانونيّة المنظمة للحياة السياسيّة والجمعياتيّة.

منها على سبيل الذكر لا الحصر حزب الاتحاد الوطني الحر، فإلى جانب أن رئيسه سليم الرياحي يشغل في نفس الوقت منصب رئيس جمعيّة رياضيّة، هاهو أمين عام حزبه الذي تمّ تعيينه منذ أشهر قليلة هو الآخر رئيس جمعيّة مدنية تهتم بالقطاع الطبي على اعتبار أنه طبيب؟؟ وكما يظهر على الصورة لبطاقة تعريف مهنية (Carte visite) التي تحصل عليها موقع تونيزيا فايس.

وهو ما يؤكّد أن هذا الأمين العام غير قانوني ولا يمكن أن يكون في هياكل مركزيّة حزبية على اعتبار أنه يترأس جمعيّة يمنع عليها في الأصل تعاطي النشاط السياسي لما يمكن أن يحدث من خلط بين المجالين أو من استغلال للموقعين في الحصول على التمويل المشبوه والممنوع قانونا.

يذكر أن قانون الجمعيات الجديد عدد88 المؤرخ في 24 سبتمبر 2011 ينصّ صراحة في فصله التاسع: “لا يمكن أن يكون مؤسسو مسيّرو الجمعيّة من يضطلعون بمسؤوليات ضمن الهياكل المركزيّة المسيّرة للأحزاب السياسيّة”. فمتى تتحرك الدولة لوضع حدّ لمثل هذه الخروقات وغيرها في الأحزاب السياسيّة والتي قد تجلب للبلد شرا نحن في غنى عنه، لاسيما ونحن قادمون على محطّة انتخابيّة قد تكون مصيريّة في تاريخ تونس؟

سهيل العلويني أمين عام الاتحاد الوطني الحُر


رسالة رائعة من طالب إلى وزير التعليم العالي بتونس!!

 رسالة من طالب حُرم من الدراسة الجامعية بسبب ظروف اجتماعية مادية قاسية.. يوجه رسالة الى وزير التعليم العالي..

إلى السّيد وزير التعليم العالي و البحث العلمي و التكنولوجيا

الموضوع: أريد فقط .. أن تبتعد عن شمسي

“ســــلامـــًــا”..

أمّا بعد،

حين يغدو الأمل أقسى ضروب التسوّل وتصبح شحّاذا يتوسّل من الدولة حقا من حقوقه الطبيعية يصبح وجودك كلّه مدعاةً للشفقة والضحك في آن.

أضحك كثيرا و أتألّم كثيرا حين أقرأ صيغ المطالب المقدّمة للمسؤولين. تلك الصّيغ الرّكيكة والمنافية للحياء التي حوّلت المواطن من مُطالِبٍ بحقّه في شروط الحياة الدنيا إلى شحّاذ على عتبات مؤسّسات التسوّل الرسميّ. فقد تنتظرون أن أكتب مثلا:

مطلب عودة بعد انقطاع.

إنّي الممضي أسفله مهدي الغانمي صاحب بطاقة التعريف الوطنية عـــــــــــــ 08943622ـــدد و الصّادرة في 18 فيفري 2013 بتونس و المرسّم بالسنة الأولى من شعبة السينما: تقنيات السمعي البصري بالمعهد العالي لفنون الملتيميديا بمنّوبة للسنة الجامعية 2007/2008، انقطعت عن الدراسة منذ السّنة الجامعية 2008/2009 بسبب الظّروف الاجتماعية القاهرة التي انتشلتني من مقاعد الدراسة وألقت بي في حضائر البناء حتّى أوفّر لي ولعائلتي الشرط الأساسيّ الذي يجعل الكائن- بغض النظر عن نوعه- مستمرا في الحياة.

أتقدم إليكم بطلب تمكيني من فرصة ثانية للعودة إلى مقاعد الجامعة و أرجو أن تنظروا إلى مطلبي هذا بعين القبول..

مع جزيل الشكر وفائق الاحترام .

الإمضاء

… سيدي الوزير، تمعّن في الصّياغة جيدا. ألا ترى الذّل يقطر من حروفها؟ ألا تطالعك العبودية وهي ترزح تحت أرقامها؟ إذن دعك من هذا، ولا تنتظر منّي أمرا مماثلا.

سأكتفي فقط بأن أطرح عليك بعض الأسئلة (باعتبارك مسؤولا).

لقد أصدرت بجرّة قلم واحدة وبإمضاء لم يستغرق أكثر من ثانيتيْن منشورا يمنع الطلبة المستوفين حقّهم في الترسيم من العودة إلى الدراسة.

فهل فكّرت لثانية واحدة قبل الثانيتيْن في الأسباب التي دفعتهم إلى الانقطاع؟

إنّ أولئك الطلبة الذين ينقطعون عن الدراسة و يضطرّون إلى الانتقال من مدارج الكلّيات إلى حضائر البناء (المرمّة) والانتصاب لبيع السجائر و بيع السلع المهرّبة و المعدنوس .. -هذا ليس حكرا عليك سيدي الوزير- هم الطلبة أنفسهم الذين “وفرت” لهم الدولة مبيتات أشبه بالسجون ومعتقلات التعذيب، الطلبة أنفسُهم الذين لا يتمتعون بمجانية النقل و لا مجانية الدخول للمتاحف و التظاهرات الفنية، الطلبة الذين ينزحون من الدواخل ليتشرّدوا في المدن الكبرى لأن المنحة الجامعية لا تغطي حتى مصاريف أكل كلب محترم من كلاب الأحياء الراقية. أولئك الطلبة لا يطلبون غير ركن قصيّ في قاعة درس في الجامعة، لا يطلبون سوى فرصة ثانية لإعادة بناء حياتهم المحطّمة أصلا.

ألم تفكر لحظة واحدة في مصيرهم بعد أن اتخذت قرارك؟

أم أنك لا تجد مقتطعا من وقتك الثمين لكي تفكّر؟

تخيّل للحظة أيّ حياة يمكن أن يعيشها طالب تحطّمت آماله بمجرد جرّة قلم غير مسؤول (ومن البداهة أنّ القلم لا يشعر ولا يفكّر) من “مسؤول” سامي في الدولة:

1- مثلا، قد يلقي بنفسه في قارب من قوارب الموت حلما بالقارة العجوز حيث للذّل و الهوان وعدم الاحترام مقابلٌ محترم. قد يحالفه الحظ ويصبح “مواطنا” بالخارج وقد يغرق لتأكل جثته أسماك البحر الأبيض المتوسط.

2- قد يسقط مثلا في إدمان الخمر والمخدرات لينسى أحلامه المنهوبة وربما يتطور به الأمر ليصبح عضوا في عصابة تهريب أو سرقة إلخ إلخ. لن يفكر حينها في القوانين التي حطمت حياته وقد استوت الأضداد أمامه، لن يخيفه السجن، سيجازف فإما أن يصير كائنا بشريّا وإما أن ينتهي إلى زنزانة تأكل فيها الحشرات والفئران لحمه المشوّه بالندوب بعد أن أكل اليأس روحه.

3- قد يعتقد أن الله غاضب منه، لذلك تحطمت حياته. وللتكفير عن ذنوبه عليه أن ينخرط في مجموعة جهادية ويحاول أن يعوّض ما خسره في الدنيا ربحا للآخرة. حينها لن يمنعه أي وازع أو قانون من القيام بأعمال إرهابية. قد ينجح في إقامة إمارة لاستبدال القوانين التي ذبحته بقوانين أخرى يذبح بها وقد يأكل جسده الرصاص في مواجهة ما، بين “الشعانبي” و “قاسيون”.

4- قد يوظّف قدرته لخدمة أي جهاز مخابراتي أجنبي ويبيع هذا الوطن بحفنة من الدولارات، فإن حالفه الستر نجح في أن يكون “ممثلا” حكوميا تحت قميص هوليودي أو “مُـ..عارض” أزياء باريسي… وإن انفضح أمر خيانته أكلت الشعارات لحمه الرخيص ولا تستغرب الأمر فكثير من العملاء في هذه البلاد لم يتخطّوا السنة الأولى من التعليم الجامعيّ وتكفيك نظرة خاطفة على المشهد لتعرف لأيّ جهة يعملون.

أما بالنسبة إليّ فلا يعنيني هذا كلّه.. فقط أتذكّر في هذه اللحظة قصة ديوجين -ذلك الفيلسوف الذي قضّى حياته مُهمّشا يسكن برميلا- حين أتاه الإسكندر الأكبر ملك العالم و عرض عليه أن يمنحه كلّ ما يطلب، فأجابه ديوجين:

- إنك تقف أمامي و تحجب عنّي أشعة الشمس، لا أريد شيئا. فقط ابتعد عن شمسي.

قال الإسكندر المقدوني:

- لو لم أكن الإسكندر لتمنيت أن أكون ديوجين.

.. أنا أيضا لا أطلب منك شيئا ولا أرغب في إثارة اهتمامك أو في جعلك تتمنى أن تكون مثلي. أنا أطلب منك فقط أن تبتعد عن شمسي.

لن أرمي بنفسي في عرض البحر ولن أكون مجرما ولا إرهابيا ولا عميلا .. فقط سأكون ذلك الحالم بالشمس، وسوف أنفق في سبيل ذلك كل ما أملك من طاقة وحبر وأوراق. ولن يكون الظلم الذي تعرّضت له سوى دافع للحرية والانعتاق بعيدا عن كلّ الحسابات لأنّني سيّدي الوزير ببساطة ” لا آمل في شيء.. لا أخشى شيئا.. ، فأنا حرّ”. وهي الجملة التي طلب المفكر والمبدع اليوناني نيكوس كازنتزاكيس أن توضع على شاهدة قبره. إنها الحرية القصوى التي لا يمتلكها إلا أولئك الذين يحاولون دائما التحديق في وجه الشمس. أولئك الذين كابدوا من أجل تحقيق حريتهم وإنسانيتهم بالاحتجاج والتمرّد والفنّ والفكر في هذا العالم المتوحّش. أجل سيدي، أرغب أن أحدّثك عن 150 شاعرا من 47 دولة انتحروا في القرن العشرين. 150 شاعرا اختاروا الحرية حتى وإن كان الموت سبيلا إليها وعبّروا بأرقى أساليب العنف الرمزي وأكثرها إثارة عن احتجاجهم على الظّلم، لذلك نطقوا جملة ” أنا أموت إذن أنا موجود” بأكثر من عشرين لغة وبمائة وخمسين طريقة مختلفة من ماياكوفسكي إلى سيلفيا بلاث، من خليل حاوي إلى سيرغي يسينين. وكذلك فعل أكثر من روائي ومسرحي وعالم وثائر من سقراط إلى الحلاج مرورا بجان دارك وصولا إلى هيمنغواي، وفعلها في تونس شاعر آخر في بداية القرن الحادي و العشرين وهو محمد البوعزيزي الذي جعلك سيّدي الوزير- بقصيدة واحدة عنوانها الكرامة أوالموت- تخرج من سجنك لتجلس في مكتبك الفاخر والمكيف. كلهم ماتوا، ولكنهم نجحوا بعد موتهم “في تحويل غيابهم إلى زلزال” على حد عبارة سليم بركات. وطبعا أنت تعرف أن أخطر ما يكتبه الإنسان لا يكتبه بالحبر بل بدمه. إن من يضع أمام عينيه السجن والموت ضريبةً لتحقيق إنسانيته لن يمنعه أي حاجز من الوصول إلى ذلك. التحديق في وجه الشمس أمر صعب حقا على أولئك الذين تعوّدوا الاسترخاء في قصورهم الفخمة، ولكنه أمر هيّن بالنسبة إلى الذين قضوا سنوات حياتهم تحت أشعتها حتى غدت أرواحهم موشومة بلهبِها أو الذين قضوا أغلب وقتهم في مطاردتها في الكتب واللوحات و الأغاني..

حين تتحول الكتابة بالحبر إلى وسيلة غير مجدية للتعبير عن محنة الوجود الإنساني، يجب أن نكتب بدمائنا لأن “ما يكتب بالدم لا يقرأ فقط بل يُحفظ عن ظهر قلب” كما يقول فريدريك نيتشه.

لذلك كله وغيره كثير، أطلب منك أن تبتعد عن شمسي، ها أنا الآن أكتب بالحبر، وقد أضطر يوما للكتابة بدمي على الجدران وأرصفة الشوارع.

وفي النهاية أقول لإخوتي الطلبة الذين حُرموا من حقهم في الدراسة:

“إذا متّ فاتركوا الشّرفة مفتوحة” /غارسيا لوركا.


صور لشخصيات بارزة في “نداء تونس” داخل سيارة تحتوي كميات كبيرة من المتفجرات

عثرت قوات الحرس الوطني في سيارة احد المجرمين الخطيرين الذي تعرضت سيارته يوم الاربعاء 25 سبتمبر 2013 الى الانقلاب اثناء مطاردته في الطريق الرابطة بين طبرقة وواد الليل من ولاية منوبة على وثائق خاصة و صور لإحدى الشخصيات البارزة في حزب نداء تونس والمرجح ان تكون الصور لرئيس الحزب الباجي قائد السبسي حسب ما أكده مصدرأمني لأحد الجرائد الأسبوعية في عددها الصادر اليوم الجمعة 27 سبتمبر 2013.

و أكد ذات المصدر نفسه انه تم إيجاد على كميات كبيرة من المادة الخام لصنع المتفجرات و الألغام إلى جانب كمية من الأسلحة و خرائط لعدد من المؤسسات العمومية منها وزارة الداخلية.