بين معاهدة 12 ماي 1881 و معاهدة 5 اكتوبر 2013

مفارقة مخزية تلك التي حدثت اليوم في تونس مهد الربيع العربي ، فالثورة التي أشعلها الفقراء وأبناء الأحياء المهمشة وضخوا فيها دمائهم من أجل الوصول بها الى منتهاها ، ثم ثابروا في القصبة طوال أيام الشتاء من اجل رعايتها وتعهدها ، تشهد اليوم احد فصولها العبثية الساخرة هي الأكثر انحطاطا منذ 14 جانفي .

السبت 5 اكتوبر سيبقى هذا التاريخ وصمة عار في جبين المعارضة “الثورية” تلك التي روت لنا ألف “حجاية وحجاية” عن الحرية ونوعت لنا من صنوف الثورة ما لذ وطاب حتى اذا هوت أفئدتنا نحوها ، لاح حملها الكاذب ورأيناها تتعطر بالبترول وتلتحف بالعقال وتهرع لعرض نفسها في سوق البغايا على الامبريالية العالمية ، ووصمة عار أخرى في جبين السلطة التي استهترت بأمانة الشعب وعهدة 23 اكتوبر .

في هذا اليوم المشئوم وتحت قصر المؤتمرات في العاصمة التونسية قنن أرباب الانقلاب انقلابهم ، وليس بعيدا عن باحة العاصمة نفسها وفي الوقت الذي كان نواب الشعب وحكومة الشعب والأحزاب التي اختارها الشعب تجتمع في حضن الجهاز الذي دمر الاقتصاد الوطني وحطم الرقم القياسي العالمي في الإضرابات المسيسة بعد إشرافه على أكثر من 30 ألف إضراب في سنة واحدة ، في هذا الوقت بالتدقيق يزف رئيس برلمان بن علي السيد الباجي قائد السبسي الخبر الصاعقة الى الشعب التونسي ، هنا ينهمك جهاز بن علي العائد بقوة في تكريم محمد الغرياني المطلوب رقم 3 بعد القلال وبن ضياء على أجندة الثورة عشية انتصارها ، وهناك في قصر المؤتمرات تنهمك الدولة العميقة بالوكالة عن آل نهيان وآل مكتوم في تفكيك أجهزة الدولة المنتخبة برعاية الطاعون ومباركة بعض من “الجيفارات” المخنثين وأمام استسلام كامل للبايات ، بين هذه وتلك تلهج العديد من الألسن
” لشهادة في رابعة تختلط دماء أصحابها بأمانة شعبهم ، خير ألف مرة من سلامة ثمنها توقيع معاهدة باردو جديدة ، وان يرسل ضاحي خلفان أسلحته وأمواله نتصدى لها بدمائنا وأشلائنا خير مليون مرة من ان يرسل المراقب العام الإماراتي الى تونس نستقبله بالورود والحسناوات”.